فصل: 300- باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.296- باب تحريم وصل الشعر والوشم، والوشر وهو تحديد الأسنان:

قال تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} الآية [النساء: 117، 119].
قال قتادة: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ}، يعني: تشقيقها، وجعله سِمَةً وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة.
وقال عكرمة: فليغيرن خلق الله بالخصاء، والوشم، وقطع الآذان، حتى حرم بعضهم الخصاء، وجوزه بعضهم في البهائم؛ لأنَّ فيه غرضًا ظاهرًا.
وقال ابن عباس: خَلْقُ الله: دين الله.
وعن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عز وجل: إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ». رواه مسلم.
1642- وعن أسماءَ رضي الله عنها: أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يا رسولَ اللهِ إنَّ ابْنَتِي أصَابَتْهَا الحَصْبَةُ، فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا، وإنّي زَوَّجْتُهَا، أفَأَصِلُ فِيهِ؟ فقالَ: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمَوْصُولَةَ». متفق عليه.
وفي روايةٍ: «الوَاصِلَةَ، والمُسْتَوْصِلَةَ».
قَوْلُهَا: «فَتَمَرَّقَ» هو بالراءِ ومعناهُ: انْتَثَرَ وَسَقَطَ. «وَالوَاصِلَةُ»: التي تَصِلُ شَعْرَهَا، أو شَعْرَ غَيْرِهَا بِشَعْرٍ آخَرَ. «وَالمَوْصُولَةُ»: التي يُوصَلُ شَعْرُهَا.
«والمُسْتَوْصِلَةُ»: التي تَسْألُ مَنْ يَفْعَلُ ذلك لها.
وعن عائشة رضي الله عنها نَحوهُ. متفق عليه.
في هذا الحديث: أنَّ وصل الشعر من الكبائر.
1643- وعن حُميدِ بنِ عبد الرحْمنِ: أنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه عامَ حَجَّ على المِنْبَرِ وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ في يَدِ حَرَسِيٍّ فَقَالَ: يَا أَهْلَ المَدِينَةِ أيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟! سَمِعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هذِهِ، ويقُولُ: «إنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ حينَ اتَّخَذَ هَذِه نِسَاؤُهُمْ». متفق عليه.
في هذا الحديث: اعتناء الخلفاء وسائر ولاة الأمور بإنكار المنكر، وإشاعة إزالته، وتوبيخ من أهمل إنكاره ممن يتوجه عليه.
وفيه: حسن التحذير، فإن السعيد من وعظ بغيره.
وفيه: معاقبة العامة بظهور المنكر.
1644- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الوَاصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والوَاشِمَةَ والمُسْتَوشِمَةَ. متفق عليه.
فيه: أن الوشم من الكبائر، والرجل في ذلك كالمرأة.
1645- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ والمُسْتَوشِمَاتِ وَالمُتَنَمِّصَاتِ، والمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ الله، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ في ذَلِكَ فَقَالَ: وَمَا لِي لا ألْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ؟ قالَ اللهُ تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. متفق عليه.
المُتَفَلِّجَةُ هيَ: الَّتي تَبْرُدُ مِنْ أسْنَانِهَا لِيَتَبَاعَدَ بَعْضُهَا منْ بَعْضٍ قَلِيلًا، وتُحَسِّنُهَا وَهُوَ الوَشْرُ.
وَالنَّامِصَةُ: [هِيَ] الَّتي تَأخُذُ مِنْ شَعْرِ حَاجِبِ غَيْرِهَا، وتُرَقِّقُهُ لِيَصِيرَ حَسَنًا. وَالمُتَنَمِّصَةُ: الَّتي تَأمُرُ مَنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ.
فيه: أنَّ هذه المذكورات من الكبائر.
قال النووي: هذا الفعل حرام على الفاعلة وعلى المفعول بها، لهذه الأحاديث، ولأنه تغيير لخلق الله، ومحله إن فعلته للحُسْن. أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب فلا بأس.
قال البخاري في كتاب اللباس: باب وصل الشعر. وذكر حديث معاوية، وأبي هريرة، وعائشة، وأسماء، وابن عمر.
قال الحافظ: قوله: وتناول قُصَّة من شعر. القُصَّة: الخصلة من الشعر.
وفي رواية قتادة عند مسلم: نهى عن الزور. قال قتادة: يعني ما تكثر به النساء أشعارهن من الخِرَق.
وهذا الحديث حجة للجمهور، ويؤيده حديث جابر: زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة بشعرها شيئًا آخر. أخرجه مسلم.
وذهب الليث، ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء: أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها، فلا يدخل في النهي.
وأخرج أبو داود بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: لا بأس بالقرامل. وبه قال أحمد. انتهى ملخصًا.

.297- باب النهي عن نتف الشيب من اللحية، والرأس وغيرهما، وعن نتف الأمرد شعر لحيته عند أول طلوعه:

1646- عن عمرو بن شعيب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ؛ فَإنَّهُ نُورُ المُسْلِمِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، حديث حسن، رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي بأسانيد حسنة، قال الترمذي: (هو حديث حسن).
فيه: النهي عن نتف الشيب. وعند أحمد: «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ، فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَشِيبُ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا كُتِبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ، وَرُفِعَ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ».
1647- وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ علَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». رواه مسلم.
قال النووي: هذا الحديث مما ينبغي أنْ يعتنى بحفظه، واستعماله في إبطال المنكرات، وإشاعة الاستدلال به كذلك.

.298- باب كراهية الاستنجاء باليمين، ومس الفرج باليمين عند الاستنجاء من غير عذر:

1648- وعن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا بَالَ أَحَدُكُمْ، فَلا يَأخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلا يَسْتَنْجِ بِيَمِينِهِ، وَلا يَتَنَفَّسْ فِي الإنَاءِ». متفق عليه.
وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة.
فيه: النهي عن إمساك الذكر باليمين عند البول. وعن إزالة الأذي باليمين.
وفيه: النهي عن التنفس في الإناء، أي: داخله؛ لأن التنفس فيه مستقذر، وربما أفسد على غيره. وأما إذا أبانَ الإِناء، وتنفس خارجه فهو السنة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت يد النبي صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه، وما كان من أذى. رواه أبو داود.

.299- باب كراهة المشي في نعل واحدة أو خف واحد لغير عذر وكراهة لبس النعل والخف قائمًا لغير عذر:

1649- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَمشِ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا، أو لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا».
وفي رواية: «أو لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا». متفق عليه.
فيه: النهي عن المشي في النعل الواحدة؛ لما فيه من التشويه والمثلة، ومخالفة الوقار، ولأن المنتعلة تصير أرفع من الأخرى، فيعسر مشيه وربما كان سببًا لعثاره.
1650- وعنه قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكمْ، فَلا يَمْشِ في الأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا». رواهُ مسلم.
الشِسْعُ: أحد السيور الذي في صدر النعل المشدودة في الزمام.
والزمام: هو السير الذي يعقد فيه الشِّسْع.
1651- وعن جابر رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا. رواه أبو داود بإسناد حسن.
هذا الحديث: محمول على ما إذا احتاج في الانتعال إلى الاستعانة باليد في إدخال سيورها في الرِّجل، لئلا يصير حينئذٍ على هيئة قبيحة، أما إذا لم يحتج فيه إلى الاستعانة بها، فلا كراهة في ذلك.

.300- باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره:

1652- عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ». متفق عليه.
فيه: النهي عن ترك النار في البيت عند النوم، لئلا يشتعل البيت على صاحبه.
1653- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: احْتَرَقَ بَيْتٌ بالمَدِينَةِ عَلَى أهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا حُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَأنِهِم، قالَ: «إنَّ هذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإذَا نِمْتُمْ، فَأَطْفِئُوهَا» متفق عليه.
فيه: حكمة النهي وهي خشية الاحتراق.
قوله: «إنَّ هذه النار عدو لكم».
في رواية البخاري: «إن هذه النار إنما هي عدو لكم».
قال الحافظ: هكذا أورده بصيغة الحصر مبالغة في تأكيد ذلك.
قال ابن العربي: معنى كون النار عدوَّا لنا، أنها تنافي أبداننا وأموالنا منافاة العدو، وإن كانت لنا بها منفعة، لكن لا يحصل لنا منها إلا بواسطة، فأطلق أنها عدو لنا، لوجود معنى العداوة فيها. والله أعلم.
1654- وعن جابر رضي الله عنه عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «غَطُّوا الإنَاءَ، وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ. وَأطْفِئُوا السِّرَاجَ، فإنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَحُلُّ سِقَاءً، وَلا يَفْتَحُ بَابًا، وَلاَ يَكْشِفُ إنَاءً. فإنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَل، فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أهْلِ البَيْتِ بَيْتَهُمْ». رواه مسلم.
«الفُويْسِقَةُ»: الفَأرَةُ، «وَتُضْرِمُ»: تُحْرِقُ.
في رواية البخاري: «خمروا الآنية، وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح، فإن الفويسقة ربما جرَّت الفتيلة فأحرقت أهل البيت».
قال القرطبي: في هذه الأحاديث أن الواحد إذا بات ببيت ليس فيه غيره وفيه نار فعليه أنْ يطفئها قبل نومه، أو يفعل بها ما يؤمن به الاحتراق.
وكذا إن كان في البيت جماعة فإنه يتعين على بعضهم، وأحقهم بذلك آخرهم نومًا، فمن فرّط في ذلك كان للسنَّة مخالفًا، ولأدائها تاركًا.
ثم أورد حديث ابن عباس، قال: جاءت فأرة فَجَرَّت الفتيلة فألقتها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدًا عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا نمتم فأطفئوا سراجكم، فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم».
وقال ابن دقيق العيد: إذا كانت العلة في إطفاء السراج الحذر من جرِّ الفويسقة الفتيلة، فمقتضاه أنَّ السراج إذا كان على هيئة لا تصل إليها الفأرة لا يمنع إيقاده. وأما ورود الأمر بإطفاء النار مطلقًا فقد يتطرق منها مفسدة أخرى غير جرِّ الفتيلة، كسقوط شيء من السراج إلى شيء من المتاع فيحرقه، فيحتاج إلى الاستيثاق من ذلك، فإذا استوثق بحيث يؤمن معه الإِحراق فيزول الحكم بزوال علته. انتهى ملخصًا.
وفي الأمر بإغلاق الأبواب من المصالح الدينية والدنيوية، حراسة الأنفس والأموال، من أهل العبث والفساد، ولاسيما الشياطين.
وفيه: أن ذكر اسم الله تعالى يطرد الشيطان، كما ورد في الرواية الأخرى: «خَمِّر إناءك واذكر اسم الله، وأغلق بابك واذكر اسم الله».